جولة في عالم كتابة السيناريو 1

السيناريو هو عملية كتابة الشاشة، وبالتالي فإن أي شئ لا يمكن ظهوره في الصورة لا فائدة منه مطلقًا، وهنا تنتهي اللغة الأدبية تمامًا، فإذا قام كاتب السيناريو بكتابة الجملة التالية : “وكان قبله يعتصر ألمًا من شدة حزنه”، سيقوم المخرج ببساطة بحذف هذه العبارة لعدم إمكانية تجسيدها بصريًا، وقد تكون جملة السيناريو الملائمة لوصف ما سبق: “البطل ينزل رأسه للأسفل ويضع يديه على رأسه، الحزن يبدو على وجهه”.

هذه النقطة مع بساطتها يسهو عنها الكثير من المبتدئين، فالسيناريو حقيقة جافة وغير ممتع للقراءة بالنسبة لغير المحترفين، فهو يحتوي وصفًا دقيقًا للصورة والأحداث، دون أي تنميق أو لغة جذابة، أو الأمور التي تجذب القراء عادةً في الروايات.

خطوات كتابة السيناريو:

هل الفيلم يعتمد على شخصية واحدة ويتمحور حولها، أم يقوم برواية قصة معينة؟ الحقيقة أن معظم الأفلام يدخل فيها أكثر من شخصية واحدة، مع وجود بعض الأفلام المميزة التي تعتمد على شخصية واحدة مثل فيلم Malcom-X أو Ray.

1- سيناريو قصة قائمة على شخصية واحدة (Character Based):

إذا كان الفيلم مبني على شخصية بشكل أساسي، ابدأ كتابتك من توصيف هذه الشخصية، الهدف هو تحويلها من حبر على ورق إلى لحم ودم.

الجمهور يكره الشخصيات المكررة النمطية، رجل عادي 40 سنة، موظف نشيط، مع شهادة جامعية، لديه زوجة وولدين حياته سعيدة، الجمهور لم يدخل إلى صالة السينما لهذا، الشخصيات الجدلية هي من تمتع الجمهور، رجل 40 سنة، أعمى، بروفيسور طر من الجامعة إثر مشكلة أثيرت حوله، مطلق ولديه ولد يقاطعه، حياته جحيم…. بداية جيدة…

عملية بناء الشخصية أو ما يعرف بـ (Character Bone Structer) تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

1- توصيف فيزيائي: الجنس، العمر، الطول، الوزن، الشكل، لون الشعر، علامات مميزة (أعمى أو أعرج).

2- توصيف اجتماعي: أسرته وعائلته، وصف سريع عنهم، علاقته بهم، أصدقائه، جيرانه غني أم فقير…

3- توصيف نفسي: منفتح أم منغلق، ذكي، نشيط، نظرته للحياة، متفائل، متشائم، شجاع،….

بعد ذلك قم بكتابة بعض الصفحات عن هذه الشخصية، بما يشبه سيرة الحياة المختصرة، بع أن تنتهي اقرأ ما كتبت، لتجد أن شخصيتك فعلاً بدأت تتشكل وتصبح مميزة، واصل كتابة التفاصيل حتى تصبح الشخصية لحمًا ودمًا.

2- السيناريو الذي يعتمد على القصة (Story Based):

وهذه حالة أغلب الأفلام، لدينا قصة والشخصيات تتحرك ضمنها، أهم خطوة هي كتابة قوس القصة (ِStory Arc) وهو ينقسم إلى 3 أقسام بشكل رئيسي:

1- الموقف:

وهو الموقف الذي بدأنا فيه الفيلم،سفينة التيتانك على وشك الانطلاق، العراب يحتفل بزفاف ابنته، الحرب تندلع، الكائنات الفضائية تغزو الأرض….

دائمًا على الكاتب أن يتسأل، لم بدأ الفيلم من هذه النقطة؟ لماذا لم يبدأ قبل أو بعد هذه النقطة، اختيار بداية الفيلم أمر هام للغاية، فلابد أن يكون في بداية الفيلم حدث مشوق “يورط” المشاهدين في الفيلم ويدفعهم لمتابعته.

2- التعقيد:

وهنا أهم عقدة في الفيلم، الحدث الذي سيصنع الفيلم، ويجر الشخصيات الأسياسية للعمل من أجل حل هذا التعقيد، فمثلاً يبداء الفيلم بموقف وهو أن بركانًا قد ثار في أحد الأماكن، ويتم استدعاء خبير في البراكين والذي يتعامل بدور مع الأمر ببرود، ومن ثم يكون الرابط نحو مرحلة التعقيد هو أن ابنته وهي عالمة آثار محتجزة في قرية ملاصقة للبركان، وهنا أصبح البطل متورطًا ليبدأ بإنقاذ ابنته.

3- الذروة أو الحل:

وهنا يتغلب البطل على التعقيد ونصل إلى ذروة الفيلم، فمثلاً في مثالنا السابق بعد أن فشل البطل مرات عديدة بالعثور على ابنته ويرى بأن أغلب الناس في القرية قد قتلوا بالفعل، يقابل عجوز في القرية وينقذها، والتي بدورها تخبره بأنه هذه المناطق قد سكنتها قبائل المايا وقد قامت بحفر أنفاق تحت الأرض للاختباء من الحوادث وقت حدوثها، يتذكر البطل أن ابنته مختصة بالآثار، وبالتالي قد تكون مختبئة بالفعل في أحد هذه الأنفاق.

كل ما ذكرته في هذه الفكرة كان الرابط بين قسم التعقيد وقسم الحل؛ حيث يبدأ قسم الحل مع دخول البطل إلى أحد أنفاق المايا ويعثر على ابنته، ويستمر هذا القسم حتى نهاية الفيلم.

Leave a comment